الأحد، 30 يونيو 2013

قيد الانتظار .. ثانيةً





نقطة البداية مرة أخرى ، سئمت الانتظار، سئمت الضوء الأصفر معلق فوق مدار حياتي والسنوات تتراكم فوق بعضها وفوق أيامي وأعصابي وقلبي.. سئمت الاسم الملصق بي "منتظرة"، لا تناسبني الحياة عبر أسلاك الهاتف ولا العلاقات العابرة للقارات ..  

ويسألونني بتعجب : لمَ "قيد الانتظار" .. لا يعرفون أن الانتظار قيد ثقيل، في الانتظار لا يسمح لك بخطوة واحدة نحو أي اتجاه، لا يسمح لك بالكلام ولا بالسكوت، في الانتظار أنت طيف هلامي لا يحق لك أن تخطط لمستقبل ما قريب أو بعيد كبقية البشر، أنت " مقيد " بهذا الانتظار يجب عليك أن تصل إلى خط النهاية لتحصل على الخلاص، ليتاح لك حق الاختيار، وحق الجلوس مستمتعاً بالفراغ أو بالفوضى، المقيد بالانتظار ليس إنساناً وليس جناً، هو اسمٌ عابر مهدد بالزوال، قد يكون وقد لا يكون، مهدد بالتلاشي كلما طال بريق الاضاءة الصفراء فوق رأسه، قد يبتلعه اللون الأصفر فيصبح أحد ذراته ويُنسى .. " يُنسى كأنه لم يكن " .. 

وجدتُ بالأمس عبارة حائمة اصطادتها لي صديقتي وتعجبت كيف تشبهني هذه الكلمات .. هو اقتباس لـ "هديل الحضيف" تصف بعض ما بي، تقول: "ماذا يعني أن تقف في المنتصف تماماً .. غير آبه لكل ما حولك، لكل ما فيك، لكل البهجة والبكاء اللذين يعيثان بك .. غير أنك تمرّ بحالة ( المؤقت ) الذي يعطّل احلامك حتى تتجاوزها أو تتجاوزك ! "

هديل تحكي موقفاً يجوز فيه الاختيار بين أن تأبه أو أن تتجاهل، هذا المؤقت الذي تصفه شقيق الانتظار وليس هو هو، في الانتظار تريد أن تأبه ولا يجوز لك، تريد أن تبكي وتضحك فيكممك الأصفر فوق رأسك، تريد أحلامك معك تحققها أو تجعلها صورة في برواز ولكن يخطفها منك مالا تعرف.. 

الانتظار حالة تشبه الموت إلا انها أقسى قليلاً .. 

السبت، 29 يونيو 2013

ثم ماذا .. !







منتصف الليل بالضبط .. جدتي نائمة بجواري، أتأملها بدون سبب ولا أدري ما علي فعله الان، ليلة صيفية خانقة الحرارة، جهاز التكييف متعطل ويبدو أنها لا تبالي، تتململ في نومتها فأتظاهر بالنوم أنا الأخرى؛ لا أريد ان تعرف كيف تمنعني هذه الحرارة البالغة عن النوم .. ستبالغ في القلق علي كعادتها.

أراقبها تتقلب وتتأفف دون أن تفتح عينيها، أتساءل في غيظ؛ هل يجب علي السفر حالا! سأخسر الكثير لو سافرت الان ! رخصة الاقامة التي يصعب تجديدها في الاحوال العادية سيكون من المستحيل علي طلبها مرة أخرى .. لماذا لا أنتظر شهرين أو ثلاثاً ! أعلم أن بمقدوري الانتظار، أتأفف أنا أيضاً بصوت عالٍ فتصحو جدتي، ترفع رأسها وهي تحاول اختراق الظلام الباهت لترى ما أزعجني بهذا الشكل .. يا الهي، فعلتها مرة أخرى ! لماذا لا أستطيع التفكير بصمت مثل بقية البشر ! أنظر الى السقف وأنا أستلقي كالميتة .. كلوح من الخشب يطفو على سطح البحر بعيدا عن كل الشواطئ.. أعود للتفكير في المأزق الذي وجدت نفسي فيه، هذه البلاد التي لا أحبها ولا أحب المكوث فيها تضطرني الظروف للتمسك بها بكل ما أملك من حيل، لن أرى والديّ ثانية لو تركتها بدون تجديد الإقامة، ولكن من يضمن لي أنهما لن يطردا منها قريبا قبل أن أجد الوقت للعودة، والداي الطيبان أكبر سناً من تحمل كل هذا التعنت والاضطهاد، حتى لو لم يحدث شيء بعد هذه التهديدات وحدها تقتل الاعصاب، ارتفاع الضغط أقل أعراض الحياة هنا ..

نعم هذه البلاد مقيتة، ولكن أين يمكن لنا الذهاب، نظرت إلى جدتي حين سمعتها تتأفف ثانية بسبب الحرارة، مرة أخرى أنسى أني تزوجت ولا يجب أن أقلق بخصوص البلد التي سأستقر فيها، لكن شيء ما داخلي لا يقدر على تقبل هذه الفكرة.. أن اتحدث عن والديّ بصيغة الغائب وأقول "أنا" و "هما" بعد بعد أن كنا "نحن" ! لا يمكنني ذلك، كما لا أستطيع الكفّ عن القلق والتفكير .. القلق مرتسم على وجوهنا جميعا، كل خططنا المستقبلية تبدأ بـ "الله أعلم" وتنتهي بـ "الله أعلم" .. لا شيء مضمون في هذه البلاد، ولا حتى إمكانية الحصول على مرتب الشهر القادم ! أبي يعيش بالقلق وللقلق كأن وقوده هو هذا التفكير والتساؤل غير المنتهي؛ أين سنكون غداً ! هل نستطيع العودة للوطن إن طُرِدنا من هنا ! هذا تساؤل آخر يفتح أبواباً من الأسى والصداع .. هل نستطيع حقا !! لا أظن ذلك، ولو أن أمي متفائلة كعادتها تجمع خططاً وطموحات كبيرة على أمل أن لا تستقبلنا نيران رصاص تائه في طريق العودة.. أفكر بصيغة الجمع مرة اخرى ! متى أتعلم وأصدق حقيقة انسحابي الجزئي من الضمير نحن ؟

سأسافر هذا الاسبوع كما يبدو .. علي أن أركز أفكاري على هذه القضية وحدها وأترك البقية للمستقبل القريب، هل أستطيع العودة إن تركت رخصة الاقامة بدون تجديد ! تأشيرة دخول من أجل العمرة ستكفيني لأيام معدودة فلم تعد هناك عمرة تمتد لشهر كما في الماضي السعيد، أخي حاول ولم يوفق في هذه المسألة .. ترى هل يستطيع العودة هنا ! مرت سنة ونصف منذ آخر مرة رأيناه فيها ولا يبدو أن الحظ السعيد سيحالفه هذه المرة .. حظه أفضل بكثير من حظ أختي الكبرى، كم سنة مرت على زيارتها الاخيرة ؟ قد تستطيع المجيء هذه السنة، أتمنى أن لا يشرطوا عليها وجود محرم معها ولا فلن تستطيع

 محرم .. ما شأنهم هم بوجود المحرم أو عدم وجوده ! هي بلاد متدينة في الظاهر فقط، مجرد قشرة خارجية هشة .. ولكن لا شان لي بذلك، ما يهمني هو مشكلتي الاصلية، هل أستطيع تجديد الإقامة حتى لو انتظرت الشهرين المطلوبين ؟ أبي مهدد بالطرد من عمله لأنه "أجنبي" كما يقولون، يريدون استبداله بأحد أبناء البلد، سيُطرد بعد أن خدم الشركة لثلاثين سنة هي سنوات عمري كله.. هل كان يعمل لديهم قبل مولدي ! لست متأكدة .. ثلاثون سنة تكفي لتشفع له عندهم حتى لو كانوا يهوداً إلا أن التهديد حقيقي ومعلق فوق رؤوسنا لما يزيد عن السنة .. لا بأس، لأركز على مشكلة واحدة وأترك البقية حتى يحين أوانها، سأسافر وأترك هذه البلاد التي تعادينا، يجب أن يكون الخبر مفرحا ! لكن لا أرى فيه غير المزيد من العناء.. أنظُر إلى جدتي في السرير المجاور تنفسها الثقيل أوحى لي أنها نائمة، وخشخشة رئتيها المريضتين، أطلت النظر قليلاً لأكتشف أنها تنظر لي هي الاخرى .. لم تكن نائمة كانت قَلِقَة مثلي أَرِقَة مثلي صَامِتَة مثلي .. كدت أسألها عما يؤرقها ثم فكرت أنها على الأرجح لا تدري أني سَاهِرَة مثلها قَلِقَة مثلها، هي على الأرجح لم تنتبه لعيني اللّتانِ ترمقانها في الظلام كمشاهد يتابع أحداث مسرحية بلا أبطال ..

أغمضت عيني وتظاهرت بالنوم لعلها تتخلص من أرقِها إن اطمأنت علي، يكفيها ما لديها من أمراض، يكفيها قلبها الكبير.. يقول الطبيب ان اتساعاً في قلبها هو ما يأكل صحتها ويسحب منها الروح، جدتي الطيبة قلبها الكبير هو علتها، كيف سنعالجها هنا وليس لديها التأمين الصحي المطلوب ! في هذه البلاد لابد ان تكون غنيا لتجرؤ على الإصابة بأمراض، أو في أحسن الأحوال تعمل في شركة تمنحك شرف التأمين على صحتك وصحة عائلتك .. لماذا يمنعون جدتي عن الانضمام إلى العائلة ! ألم تكن هي النبع الذي منه انطلقنا جميعنا ! أتقلب في غيظ مكبوت وأنا أفكر كيف سأتصرف ؟ سأسافر لتضيع مني الحياة الوحيدة التي أعرفها، أسافر لأفقد أغلى جزء من روحي.. وهل سيظلون بانتظاري هنا حتى أجد طريقاً للعودة إلى موطني؛ موطني الذي أعرفه هو بين ذراعيهما ولا موطن آخر لي ..

هل سأعود ! أطلت التأمل في وجه جدتي وغصة ما تخترق طريقها إلى حلقي .. لن يراني أحد لو بكيت الآن .. لكنها ستسمع نهنهتي .. سيتعب قلبها الكبير قلقاً على حفيدتها المتألمة .. كم أكره هذا الشعور، مقاومة الغصة ومحاولة ابتلاعها، كأنها لقمة مريرة الطعم أكبر من فمي .. قد أستطيع إيجاد طريقة للعودة ولكن هل سأجدهم هنا حينها ! أختي الصغرى هي ما يربطنا بهذا البلد، ستنهي دراستها الثانوية بعد أشهر، ثم ماذا ! أين سنكون ! أحتاج خريطة للعالم أحدد فيه البلاد التي أستطيع زيارتها لأقنعهم بالسفر إليها حين يتم تنفيذ الوعيد، الوطن غير مهيأ لاستقبالنا في الفترة الراهنة، لابد من بديل آخر ..

مرة أخرى أجد جدتي تتململ، أكتم أنفاسي ظناً مني أن تأففي القلق هو ما أزعجها، أجدها شبه نائمة، في المرحلة التي تشبه اليقظة ولا تشبهها، مرحلة الكوابيس النابعة من مشاكلنا اليومية .. بهدوء ودون أن تفتح عينيها تمد يدها إلى الطاولة الصغيرة بجوار سريرها، تقبض على المسبحة بحركة اعتيادية وتبدأ في التسبيح .. حتى في نومها لا تنسى عادتها المهدئة ! فيم تحتاج التهدئة تحت مظلة النوم الرحيمة ! أصيغ السمع اليها وأنا افكر في المأزق الذي لا أجد له حلا ..

 " استغفر الله . استغفر الله . استغفر الله "
قد يكون الحل سهلاً وأمام ناظريّ، احتاج فقط إلى شيء من الانتباه
" استغفر الله . استغفر الله . استغفر الله "
أشعر ببعض النعاس وما يزال فكري مشغولاً بالمكان الذي سيأوينا مستقبلاً، قد لا تكون الأمور بهذه الصعوبة التي تبدو عليها الآن
" استغفر الله . استغفر الله . استغفر الله "
جفناي الثقيلان ينغلقان بدون وعي مني وما أزال أتمعن في الفكرة، لدينا بيت كبير هناك في الوطن، ماذا لو أعدنا ترميمه في الأشهر القادمة؟ قد تكون الحياة مقبولة فيه! أنسى الحرارة قليلاً وأغمض عيني بينما أنفاسي تنتظم بثقل
" استغفر الله . استغفر الله . استغفر الله "
خاطرة سريعة تمر بذهني، لدينا رب رحيم، لا يجب علي القلق .. ستجد الحلول طريقها إلينا
" استغفر الله . استغفر الله . استغفر الله "
يتنزل علي هدوء غريب وتزول بعض الحرارة، تختفي الغصة وأرى أمامي شخوصاً فارقتهم منذ زمن.. يا الله! كم اشتقت اليكم ..
" استغفر الله . استغفر الله . استغفر الله "
لا أدري لماذا أبتسم لكني أفعل .. أعرف أني سأراهم قريبا
 .. الحمد لله ..

يبتعد صوت جدتي وتقترب صور الأحباء الذين اشتقتهم، تزول العتمة رويدا رويدا ويبتلعني النور..

الجمعة، 28 يونيو 2013

الهدوء ليس مرادفاً للملل





في حياتي كل شيء إما مؤقت أو سريع الزوال .. لهذا لا أكتئب كثيراً حين تسوء الأمور، لا أبكي على فراق أحد، ولا أستكين للمفاجآت السارة، كما لا أصدق الخطط طويلة الأمد .. ببساطة أعرف أن "الدنيا دوّارة" كما يقولون، سيعود الغائب فلماذا الدموع ! كل الأمور السيئة ستنصلح من تلقاء ذاتها، ستتغير المفاجآت السارة إلى واقع ممل أو تختفي في أحسن الأحوال، لا شيء يستحق أن أبالغ في رد الفعل، لا السعادة البالغة لا تناسبني ولا الاستسلام للحزن ..


هكذا أعيش حياتي ( بين بين ) فلا أتعرض للصدمات ولا يحزنني عدم تحقق الآمنيات، يقال أن هذا النوع من الحياة يجلب الكآبة، وأنه لهذا السبب تحديداً قررت فيرونيكا أن تموت وراحت تحاول بجدية! .. فيرونيكا مجنونة، وتستحق أن تودع مع أمثالها في المصح النفسي الذي وصفه باولو كويلو، لأنها لم تقبل الواقع وطلبت أكثر مما يمكن للحياة أن تقدمه، مجنونة لأنها تخيلت أن الحياة يجب أن تكون مترعة بالدراما كما في المسلسلات الأمريكية، تصورت أن الهدوء دافع لمغادرة الحياة فبدأت تأخذ خطواتها الثابتة نحو هذا الهدف .. 

أما أنا سأعيش هكذا، أستفيد من المفاجآت السارّة بأن أقتبس منها بعض الابتسام، وأستفيد من الحزن دروساً ماكنت سأعرفها لو تجنبته، فيرونيكا خدعت نفسها ثم تعلمت درسها بالريقة الصعبة، أما أنا فأفضل السير مع تيار الواقع لأستوعب درسي بالطريقة السهلة البسيطة، وحتى الملل سيكون رفيقاً رفيقاً بي .. وسأرى ما تأتي به الأيام 

تعلّم أولا .. !





من أنت لتحرّم وتحلل !! 
لست أكثر مني علماً .. لست أفضل مني أباً أو أماً .. لست أرقى كينونة ! من أنت لتنفعل في وجهي هكذا وتخبرني - محتدّاً - بما يجب على فعله وما لا يجب ! لديك بعض العلم الشرعي؟ ثم ماذا! هل العلم الشرعي أخبرك أن تمتعض من الناس وتتعامل بهذا التعالي! لا أظن .. هذا اختيارك أنت وحدك، العلم الشرعي لا شأن له بما تفعله، تقول أن " الدين النصيحة " وتتجاهل عامداً أن ما تفعله ليس هو "النصيحة" المطلوبة والمذكورة في الحديث، لم تنصحني حين انفعلتَ وصرختَ وامتعضتَ وأظهرتَ الاشمئزاز، لم تُفدني بشيء حين وصفتني ووصفت ما أفعل بأسوأ م توصلت إليه من ألفاظ ثم أخبرتني بضرورة أن أتوب إلى الله ! لم تنصح ولم تغير منكراً كما تظن ولم تبدّل شيئاً في الواقع، أنت أرضيت نزعة التعالي لديك، ووجدت لها متنفساً لا يشعرك بالإثم .. كم أنت مخدوع يا هذا ! وحدك من يصدق أنك تنصح وتنشر الخير .. وحدك من يظن ذلك ..

تعلّم العلم الشرعي أولا قبل أن تدّعيه، اترك الصراخ في وجوه الناس واقرأ بعض أمهات الكتب
ثم يجب عليك أن تتوب إلى الله قبل كل شيء .. 
لا تَنسَ هذا 

الخميس، 27 يونيو 2013

لا تمرض .. هكذا أسهل



المستشفيات مرة أخرى .. 
لا يسهل التخلص منها ونسيانها للأبد، كلما مرّت عدة أشهر عدنا إليه فتستقبلنا ممراته المزدحمة بالاختناق المعتاد، بالروتين المعتاد، بتضييع الوقت والمال عمداً، كان يجب أن نخبرهم أننا ما جئنا لهذا، جئنا طلباً للعلاج وليس لأن لدينا فائض من الأموال نحاول التخلص منه بأسرع وسيلة

حتى أفضل الأطباء لا ينسى أن يطلب منك - في طريقك إلى المختبر الذي ستجري فيه جميع أنواع التحاليل - أن تجري بعض الأشعة السينية والكمبيوترية وفوق الصوتية والمغناطيسية، من باب الحذر لا أكثر، سيطمئن على صحتك إن قمت بهذه الفحوصات .. لا تفكر في التكاليف كثيراً، صحتك تستحق منك الاهتمام، حتى لو كلّفك ذلك سبعة آلاف في يوم واحد !  .. لا بأس، غداً ستعود وتدفع أكثر لإجراء ما تبقى من فحوصات وستدفع نفس المبلغ وأكثر ..

لا تعترض .. لست أفضل غيرك، أدفع صامتاً أو تخلص من مرضك بطريقتك الخاصة، ليست هناك حلول وسطى، ربما كان يجب عليك أن لا تمرض منذ البداية، ألم تفكر في هذا البديل ! أنت اخترت رفاهية الشعور بتوعك، ثم بالغت بالمجيء هنا .. ادفع إذن واقبل حيرتنا بصمت، فلن نفيدك نحن أيضاً في الغالب ..


سنجري العديد من الفحوصات ونحتار، ثم نعيد كل الفحوصات مرة أخرى ونحتار ثانية، وفي النهاية نعطيك قرصي اسبرين وبعد أقراص الحموضة، وسنطالبك بالعودة بعد اسبوع لإجراء ذات الفحوصات .. وستعود 

الأربعاء، 26 يونيو 2013

نزار قباني





" نزار قباني "

لا أدري لماذا أعود إليه كلما شعرت بالتعاسة وتسلل إلي شيء من الهمّ، ليس في قصائده ما يبعث على الانتعاش كما في قصائد محمود درويش، ليس فيها ما يرفّه عني بأن يصف شعوري الراهن كما يفعل درويش .. وأنا حين أقرأ له أختار السياسي من أشعاره، الحماسي منها، والبعيد عن الشاعرية غالبا .. 

ربما لأنه يذكرني بسنوات المراهقة ببساطتها، وربما لأن جميع ما يكتب واضح وضوح الشمس، لا تجد لديه قصيدة "ذات حدين"، كلها ذات اتجاه واحد، وكلها واضحة منذ البداية كأنك تحمل خريطة مفصّلة لطرقات مدينة تعرفها في الأصل ولا تحتاج إلى دليل للسير فيها .. 

قد يكون هذا هو السبب فعلاً .. بعد أن تشابكت الأمور وتحولت الأيام إلى عجينة هلامية غريبة المنظر صعبة على الفهم، قاسية رغم ذلك، لا شيء يبعث على الراحة سوى بعض الوضوح، الوضوح الأقرب إلى براءة الطفولة، الوضوح الذي اشتقنا إليه في ملحمة التخبط اليومية التي نعيشها هذه الأيام ..

أشتاق إلى براءة طفولتي .. وإلى قصائد مهدّئة

لا بأس






أخبرني أحد الأصدقاء أن الاعتراف بالسعادة يحتاج إلى شجاعة كبيرة .. لم أفهمه حينها ولو أني تبسمت موافقة لأن عبارته المختصرة كانت تبدو مشجعة، كان يجب أن أعرف أنها "تحذير" وليست مجرد تعليق عادي .. 

هل يمكن أن ينحس الإنسان نفسه ! الآن أصدق ذلك بشدّة .. ظللتُ أحكي عن سعادتي مجهولة الأسباب والأخرى ذات المبررات الواضحة، حتى بدأت المجهولة بالتلاشي واصطدمت الثانية بمرارة الواقع ففتتها إلى ذرات طارت مع الريح كغبار يوم خماسيني خانق، الاختناق نفسه لا يحتاج إلى سبب قويّ، يكفي اختفاء السعادة ليحضر الاختناق ويجثم على الصدر بثقله المزعج ..


حسناً .. 
أعترف هنا أني نحستُ نفسي !
ربما لستُ جديرة بالسعادة كغيري، لا أعرف كيف أخفيها، بل أتعمد إظهارها بصراحة وبأعلى صوت، كان يجب أن أتعلم قواعد المحافظة على السعادة الوليدة، أو العابرة، لا يهم الآن ! سأنسى أني فرحتُ قليلاً، سأختار النسيان فهو أسهل بكثير من الغضب .. 

لا بأس .. 
سأبتسم ثانية، فقط لأن في مقدوري فعل ذلك ..
يجب عليّ الابتسام حتى لا يتخشب وجهي .. 





ثم لا شيء .....

الثلاثاء، 25 يونيو 2013

Feeling good






it IS good to Feel Good .. I say
 Because I just Feel Good Today
and Nothing You Can Say Can Make It Go Away


هذه المرة أعرف السبب ولا يخجلني أن أعترف به .. كل ما في الأمر أني وجدت العالم يصالحني مفاجأة، ويترك لي نكهة صباحي التي طالبت الجميع بالابتعاد عنها، يتركها تدوم طوال اليوم، يمر الصباح هادئاً وادعاً " كعين الغزال " كما يقول تميم البرغوثي، ويجر وراءه ظهيرة دافئة، ثم المساء الأكثر وداعة .. أليس في هذا ما يكفي ليتلبّسني هذا الفرح الطفولي كعفريت لا يسهل صرفه !

سأكمل أغنيتي إذن وأغلق فمي الثرثار قليلاً ..

سأحتفظ بيومي نقياً كما هو وأعيشه تماماً كما أشاء





Yes I'm Feeling good 
I feel SO GOOD 

:) 


الأحد، 23 يونيو 2013

زهور






زهور ...

اسم جميل مميز، لا أحد يجرؤ على مثل هذا التجديد، أن تسمي ابنتك " زهور " بدلا من زهرة أو زهراء كما اعتاد الجميع ! هذا يتطلب منك الكثير من الجرأة والتمسك بالرأي، هو شيء يدعو للإعجاب بحق، اسم مميز رغم بساطته يذكرني – لسبب مجهول – بالأندلس .. بالأناقة الأندلسية التي يستوحيها خيالي من بقاياهم هناك، بالقصص الشاعرية التي قرأتها عن الأندلسيين حتى تمنيت أن تحملني غيمة حائمة إلى ذلك المكان، في ذلك العصر تحديداً..


أعرفها .. " زهور " 

رقيقة دائماً، هادئة جداً، لصوتها نغمة لطيفة مهدئة للأعصاب .. كأنني أرى فيها الموشحات الأندلسية في زي إنسانة، كأن الربيع يتجلى فيها بشكل لا يشبه إلا أحداث ذلك التاريخ البعيد، التاريخ الأجمل من كل الأحلام، لذّة القرون الثمانية التي اخترع فيها العرب عمراً جديداً بثوب أزهى من كل ما حوله، وأرقى من كل الطموحات ..

أراها فتنتابني رغبة قوية لزيارة ذلك الزمان .. لا أريد الذهاب إلى ( أسبانيا ) ! أريد الذهاب إلى ( الأندلس ) نفسها، بحلّتها القديمة ذاتها، بشعرائها، بجنّاتها التي لم يملّوا امتداحها، بأنهارها الصاخبة، بشوارعها المسيجة بالورود والنخيل في عناق غير منتهي، وبأزيائهم المميزة ..




" زهور " ... وأترحّل عبر الزمان

السبت، 22 يونيو 2013

تعثر .. وخيبات





ليتني أفهم دوري في حيوات الآخرين .. لتجنبت عناء المشاعر الصادمة والمصدومة لو عرفت، ليتني أجد كتاباً يسرد فيه قوانين الصداقة والحب والكره، لالتزمتها بنظام لو عرفتها

ليت الحياة منظّمة بالدقّة التي تجنبني الكوارث التي يخلقها تعثري .. منظّمة كما في جدول الحصص في المدارس .. هنا تبدأ الأخوة، هنا تنتهي الطفولة ، في هذه الحصة نتعرف إلى شكل المسؤولية، هنا تتحول الصداقة إلى حب، هنا ينتهي الحب ويبدأ في التلاشي، الآن تنسى ما سبق وتبدأ حصة الاهتمامات الشخصية، هنا شخص عابر لن يؤثر في حياتك، لا تعطه كثير اهتمام .. الحصة الأخيرة، سينفرط العقد ويتركونك، لا تبتئس، بقي القليل بعد، هنا تجد أشباهك وتجتمع بهم، ستمارسون فنّ الحياة على الهامش، ذاكر ذكرياتك جيداً الآن أوان تسميعها .. 

وبعد الصافرة الأخيرة يحمل كل واحد حقيبته ويلملم ما تبعثر منه من دفاتر .. ويمضي 
هكذا بدون تعقيدات .. بدون توقعات .. بدون صدمات .. بدون تأمل وخيبة أمل 

أحياناً أصدق أن الحياة لا تعني سوى الخيبات .. المزيد من خيبة الأمل كل حين .. ! 
والمزيد من التعثر .. والارتباك 

الجمعة، 21 يونيو 2013

الحزن زي البرد زي الصداع





الآن عرفت لماذا يعشق الجميع جاهين، هو مبدع بالطبع لكن أكثر إبداعه في وصف الحزن، في التعبير عن حالات شبه دائمة، في التحسر والأسف .. لا يجب أن تكون حزيناً لتعرف أنه يصف داخلك المبتئس، حتى حين تبتسم يعرف جاهين الطريقة الملائمة لوصفك، لهذا يعشقه الجميع ولهذا تعود أبياته ترن في الذاكرة حيناً بعد حين ..


يا حزين يا قمقم تحت بحر الضياع ..
حزين أنا زيك وايه المستطاع ..
الحزن ما بقالهوش جلال يا جدع  ..
الحزن زي البرد زي الصداع ..


هذه الأبيات " الحزينة " تذكرتها اليوم ولم تفارق بالي لا لشيء سوى أني شعرت ببوادر صداع ! أصبح الصداع بالنسبة لي بديلاً للحزن بعد أن كان رديفاً له .. لا عجب إذن أن ينهي جاهين كل رباعية بكلمته الشهيرة ( وعجبي ) ! هو عجب كما قال ..

عجبه .. وعجبي 

الخميس، 20 يونيو 2013

نكهة الصباح ...










ما يزال الصباح في أوله .. 
أصحو بدون أية أوجاع، كأني صفحة خالية لم يجدها الكتّاب ليملؤوها بالحبر والكلمات .. لا أبتسم لا أعبس .. لا أريد من الحياة سوى بضع ساعات مسالمة .. ليس كثيراً 


طموحي اليومي يناسب مزاجي دائماً .. لا أقول أني مسالمة، لكن أفضل أن يكون يومي هادئاً، وادعاً، مسالماً قدر الإمكان .. لماذا يتوجب عليهم تلويث يومي كأن ذلك واجب ديني ! 


لا أريد أن أرى أحداً ولا أن آكل شيئاً كذلك، ستزول نكهة الصباح بنكهة ما آكله، أريد الاحتفاظ قليلاً بهذا المزاج الرائق، بخلوّ البال، بنقاء صفحة أفكاري قبل أن تهاجمها الحياة بالتلويث والضوضاء .. نعم القليل من القهوة سيحافظ عليها حيناً، لكنها نعمة سريعة الزوال، تختفي بعد أول صوت أسمعه وأول رائحة تتناهى إليّ وأول طعم على لساني، سواء في ذلك الحلاوة والمرارة، كلاهما يلوث نقاء الصباح .. 


الصباح في أوله 
ما يزال طفلاً شديد البراءة 
سأحتفظ به لنفسي قدر الممكن 
ليست أنانية .. هو طموحي اليومي الباهت 

وقليلاً ما يتحقق ..

الأربعاء، 19 يونيو 2013

ماذا لو فرحت قليلاً .. !





لا تكتئب .. ليس في الدنيا ما يبعث على الكآبة
الكآبة مصدرها أنت ..

أنت تفكر كثيراً، تتعمّق في كل فكرة حتى تتضخم ويظهر لها جوانب مظلمة تبتلع كل النور من حياتك، تكتشف أن العالم حولك مليء بمشاكل صعبة الحل، وأن رأسك مليء بمشاريع صعبة التنفيذ، وأن في قلبك الكثير من الأحلام شبه المستحيلة ..

لا تكثر من التفكر .. يكفيك أن تعرف الشيء وتستكشف معانيه المتوارية، لا داعي لكل هذا التعمّق .. من أخبرك أنك أنت المنقذ المنتظر ! من قال لك أن حمل العالم كله فوق كتفيك وأنت وحدك من عليه التحرك وفعل الصواب بدون أيه محاولات خاطئة ! أنت تبالغ في تقدير قدراتك البشرية .. لهذا تكتئب 


حتى المصائب العظيمة لا تأتي بالاكتئاب، أنت من يتأمل فيها أكثر من اللازم .. ماذا لو تجاهلت الأمر قليلاً .. لو حاولت الفرح ! ماذا لو اعتبرت نفسك زائراً وجب عليه الابتسام في وجه مضيفيه حتى لا يُتهم بقلة الذوق، هو أمر بسيط تستطيع تجربته مرة أو مرتين حتى تعتاد عليه ..


إليك الطريقة .. ابتسم، واقبل واقعك كما هو .. اعتبره مجرد لوحة زيتية كثيرة التفاصيل ملونة بالأحمر القاتم، معلقة على حائط منزلك .. لن تلتفت لها كثيراً لو عرفت حقيقتها، لو صدقت أنها مجرد صور ولوحات لا أكثر، سترسم حينها لوحاتك الخاصة بطريقتك التي تفضلها، ثم تنساها كما نسيت اللوحة الأصلية .. لتنطلق في سبيلك 

فقط توقف عن التفكير الكثير .. أنت تؤذي نفسك 

ولا تفعل سوى ذلك ..

الثلاثاء، 18 يونيو 2013

أمنيات







الأمنيات استسلام .. أن تتمنى وترسم بالأحلام صورة ما تريد للحياة أن تكون عليه، ثم تجلس مكتف الأيدي تتمنى أن يتحقق حلمك، وتظل تتمنى أن تجد الطريق إليه، تعيش بالأمنيات وللأمنيات فقط ..

حتى تضيع منك الحياة التي كان بمقدورك تكوينها، وتتسرب الأيام من بين يديك، فترثي حالك وتضرب كفاً بكفّ .. تلوم الأقدار أنها لم تترفق .. تلوم الفرصة المتباطئة التي لم تعرف طريقها إليك 
وتعود تتمنى أن يتحقق ما تمنيت ..


هذا الضياع والاستسلام المتخاذل .. نسميه الأمل 
هو عطر مخادع، يبدو منعشاً في البدء

ثم يقتلك على مهل 

صلاة القنابل




شمس حارقة .. قهوة بالزنجبيل .. والكثير من الأخبار السياسية 

 هذه هي كل الصباحات الصومالية .. كلها متشابهة في أجوائها وكلها تحمل جديداً، حتى أن عبارة "لا جديد تحت الشمس" لن تجد لها مكاناً هنا، دائماً نسمع عن فلان الذي أمسكت به الشرطة لا لشيء سوى أنه كان يسير متجهماً، هذا دليل واضح لانضمامه إلى التنظيم الإرهابي المعروف .. وهل تحتاج لديل أكبر من الوجه المتجهم !

نسمع عن تلك العجوز التي نسيها أبناؤها في دارها القديمة وكلما اشتكت لم يقدر أحد على التدخّل بشكل فعلي، كيف تتدخل وأنت لا تجد من تحدثه ! أبناؤها في الخارج متفرقون في دول أوروبا وولايات أميركا المتباعدة، كلهم يدّعي الاهتمام واللهفة على والدته العجوز المنسية في بقعة لا تختلف كثيراً عن البادية، ثم يتناسى الأمر بمجرد إنهاء المكالمة .. قد يكون حظها أحسن من بقية المسنين فيجد لها أبناؤها خادمة تعيش معها، ويكتفون بإرسال مائة دولار كل شهر .. هذا إن كان حظها حسناً حقاً 

نعم هي صباحات متشابهة جداً تبدأ بأصوات التفجيرات المعتادة، ثم ينطلق الأطفال إلى مدارسهم داعين الله أن تكون هي ما تمّ تفجيره حتى يعودوا إلى نومهم الهنيء، للأسف لا تُستهدف المدارس حين تخلو من التلاميذ ..

تفجيرات منظّمة هي، تبدأ صباحاً قبل أن تنتبه ساعة المنبّه وتعود إلى الظهور مع كل أذان ! ما أن ينتهي المؤذن من مهمته حتى تبدأ هي مهمتها فينبطح من ينبطح ويكتفي الكثيرون بانحناء رؤوسهم قليلاً حتى يهدأ الصوت، أو تغطية وجوههم في مواجهة عاصفة الغبار إن كان التفجير في مكان قريب، يتم تأجيل الصلاة بضع دقائق حتى تنهي القنابل صلاتها هي الأخرى .. وإن لم تنتهِ في الوقت المناسب يملّ القوم الانتظار ويصطفون خلف الإمام ليلحقوا صلاتهم المؤجلة قبل فوات أوانها ..

الفضول أصبح التأثير الوحيد الذي تتركه القنابل بعد كل صلاة .. " من مات " هو السؤال الذي يفرض نفسه دائماً ولا يتذكر أحد أن يسأل عن المفجّرين، لا أحد يهتم حقاً بمعرفة هوية أصحاب هذه التفجيرات وميولهم السياسية أو غيرها، الأهم هنا معرفة من أصيب ومن قُتل ليتم تدارك الأمر في حينه والإسراع بهم إلى أقرب مستشفى قبل أن يُصلّى على أكثرهم بعد ساعات ..

ثم في الصباح يجد الناس الوقت للتساؤل عن الأخبار السياسية، بعد الاطمئنان على من بقي حياً من مصابي تفجيرات الأمس، وبعد الكثير من أكواب القهوة بالزنجبيل .. يبدأ الجدل السياسي المعتاد حيث يفترض كل واحد فرضية ما ويدعمها بأدلة من إبداع خياله، ويستمر النقاش رغم الشمس الحارقة ورغم الأصوات البعيدة، التي قد تكون انفجاراً جديداً .. وقد لا تكون
  


الاثنين، 17 يونيو 2013

الانكسار بداية ..




فعلتُ كما أخبرتني أن أفعل 
وضعتُ العصا داخل الكأس المملوء ماءً 
نعم حدث ما ذكرته 
رأيتها تبدو كالمنكسرة 

هنا انتهت وصيتك يا صديقي 
لم تخبرني أن أُخرج العصا ثانية من الماء 
ربما لم تعرف أنت نفسك ما قد يحدث بعد نجاة العصا من الغرق 
رأيتُها سليمة كما كانت .. مبتلّة حتى النخاع كمن تعرض للتعذيب 
أقوى مما كانت عليه قبل الغرق  ..

كأن العصا يا صديقي تعلمت فنوناً جديدة 
فنّ المقاومة والبقاء 
فنّ التماسك ..
الليونة التي تمنعها من الانكسار حقيقةً ..

وجدتها تضحك من أوهامي
فعرفتُ أن الانكسار كان من نسج الخيال 
لم تنكسر ..
وتبدو واثقة أنها لن تفعل 

.

لماذا أخبرك كل هذا !
لا أدري أنا نفسي 
لكن أعجبتني هذه العصا 
قدمت لي ما يشبه العرض المسرحي غير المتوقع 
وألعاباً شبه بهلوانية ..

لعبة الضوء والظلال ..
لعبة البقاء للأكثر صبراً ..

ولعبة أخرى أحاول فكّ طلاسمها حتى الآن