الجمعة، 29 مايو 2015

مساء الجمعة .. والجو صحو





الجو شاعري جميل هذا المساء ؛ الهدوء يغمرني رويدا رويدا كأنما الدنيا تصالحني وتطبع على جبهتي قبلة سريعة، العشب اليوم يبدو أكثر اخضرارا، ومياه البحيرة أكثر زرقة وحيوية، كل شيء متشبع بالحياه دونما ضجيج، حتى الشمس ترسل أطيافا من النور والدفء على غير عادتها، أشعر اليوم كأني أتعرف على الجمال عن كثب ، وتداخلني فرحة من يتعلم الابتسام لأول مرة ..

يذكرني كل هذا الجمال والجو الصافي بقصيدة محمود درويش " نهار الثلاثاء والجو صاف " فأتخيله هنا مكاني يعيش هذا الهدوء الروحاني ويفكر كيف يعطي مساء الجمعة أيضا صورته التي يستحقها، أضحك من هذا الخاطر وأتمنى لو كنت أحمل في حقيبتي إحدى دواوينه في هذه اللحظة، أتأمل بسعادة هذه الراحة التي تغمرني ثم أنتبه للمعنى الخفي لهذا المساء؛ هذا مساء الجمعة ! لا عجب أن تتنزل الرحمات من رب السماء، ويسبح قلبي القلق لبرهة في فيض من الطمأنينة ..

لك الحمد ياربي ..
لك الحمد حتى ترضى، ولك الحمد إذا رضيت، ولك الحمد بعد الرضى ..

ثم تنفد مني الكلمات ويبقى بعض فرح هش أحاول أن أحميه من الأيام .. ♡

غيابك غربة يا أبي



في آخر مرة افترقنا فيها أذكر أنني تأبطت ذراع أبي في شبه بهجة وهمية، وأخبرته أني سأزوره في كل المنافي حتى يظنني الناس امتدادا لظله، أذكر أنني صدقت وعدي المتهور وبدأت التخطيط له، في آخر مرة افترقت فيها عن أبي كنت شبه متيقنة أنا سنلتقي ثانية ولو بعد حين .. لم أكن أتخيل أو يخطر في خاطري مثل هذا الفقد .. خسارتي عظيمة، خسارتي عظيمة !

أريد أن أكتب عن أبي كما أذكره، أبي الذي كان يفرح لسعادتي الطفولية ويحزن لضيقي المؤقت، أريد أن أكتب عن أبي وأرسمه لعلي استحضره بيننا فيخفت قليلا هذا الألم الذي لا ينتهي .. كل الكلمات أقصر منك قامة يا أبي، أنت أعلى وأسمى من كل ما ملكت وأملك من لغات، أنت أنقى وأجمل من كل أفكاري وأخيلتي وأكبر، أنت كنت الحقيقة الأصدق في عالمي الكاذب، كنت أنت النور الذي به له وأعيش فليتني فقدت النظر من بعدك يا أحب إنسان، ليتني سبقتك للموت ولم أعش لأسمع خبر رحيلك ..

لاشيء مما أقوله يذهب هذه الغصة التي تربعت في القلب والروح، لا ينتهي هذا الألم ولا يقل، وما أزال لا أصدق أن أبي مات، أبكي كل مساء سرا حتى تؤلمني أضلعي ويكاد ينفجر قلبي، وتزداد الغصة الحارقة لتبتلع كياني كله، خسارتي عظيمة ولاشيء يوازيها، وغربتي لن تنتهي أبدا .. 

الاثنين، 18 مايو 2015

هرب ...

بداية .. أنا أيضا إنسانة

.
.

تحذير : لن نبتسم اليوم .. ليس هنا على الأقل









كلما تفكرت قليلا في واقعي الجديد تهاجمني الحقائق من كل الجهات، تسحب البساط من تحت قدمي وتغرقني في فيضانها فأشعر بالوحدة والندم، أكره شعور الوحدة كما يكره المريض فكرة الموت، وكما تكره الأم فقد رضيعها، ليس سهلا أن تشعر بالوحدة تغمرك وتنشر الظلام حولك وتستمر رغم ذلك في مزاولة حياتك، تتناوب الليالي والأيام على تجسيد هذه الوحدة وتكثيفها حتى تحولت إلى غطاء ثقيل يتكوم بكثافة من فوقي ومن حولي فلاينفذ منه أي شعاع ضوء ولا نسمة هواء ..


في أحيان كثيرة اتعمد الهرب من التفكير أو التأمل، أخشى بشدة من محاولة اصلاح واقعي اليومي حتى لا أعطي الفرصة لسيل الحقائق أن تغرقني مرة أخرى، أخاف من تأثير هذه الحقائق لو حاولت استيعاب بعضها ولو لمرة واحدة، ليست الكآبة هي النتيجة أخاف أن تسببها محاولة الاستيعاب، هنالك ماهو أسوأ ... ولا أريد التفكير فيه .


و أحيانا أشعر بروحي تختنق بدون مسببات جديدة وبدون أحداث طارئة، رغبة عارمة في البكاء تضغط على روحي وتكتم أنفاسي فلا أملك القدرة على مقاومتها، في مثل هذه اللحظة ينتابني هاجس الهرب؛ أريد الهرب من واقعي ومن نفسي، لا أريد هذه الحياة ولا أي شيء يشبهها ، أحيانا يحدث أن أنكر نفسي فلا أعرف هذا الوجه المتجهم الذي يطل من المرآة، ليست هذه أنا !! هذه الكئيبة المشوهة من الداخل، هذه المليئة بالقهر والكراهية، هذه التي تظن الظلام لونا للحياة لا تشبهني في شيء ... وبالتأكيد ليست " أنا "






في النهاية :

لم أعد أصدق أي شيء ..