الجمعة، 29 مايو 2015

غيابك غربة يا أبي



في آخر مرة افترقنا فيها أذكر أنني تأبطت ذراع أبي في شبه بهجة وهمية، وأخبرته أني سأزوره في كل المنافي حتى يظنني الناس امتدادا لظله، أذكر أنني صدقت وعدي المتهور وبدأت التخطيط له، في آخر مرة افترقت فيها عن أبي كنت شبه متيقنة أنا سنلتقي ثانية ولو بعد حين .. لم أكن أتخيل أو يخطر في خاطري مثل هذا الفقد .. خسارتي عظيمة، خسارتي عظيمة !

أريد أن أكتب عن أبي كما أذكره، أبي الذي كان يفرح لسعادتي الطفولية ويحزن لضيقي المؤقت، أريد أن أكتب عن أبي وأرسمه لعلي استحضره بيننا فيخفت قليلا هذا الألم الذي لا ينتهي .. كل الكلمات أقصر منك قامة يا أبي، أنت أعلى وأسمى من كل ما ملكت وأملك من لغات، أنت أنقى وأجمل من كل أفكاري وأخيلتي وأكبر، أنت كنت الحقيقة الأصدق في عالمي الكاذب، كنت أنت النور الذي به له وأعيش فليتني فقدت النظر من بعدك يا أحب إنسان، ليتني سبقتك للموت ولم أعش لأسمع خبر رحيلك ..

لاشيء مما أقوله يذهب هذه الغصة التي تربعت في القلب والروح، لا ينتهي هذا الألم ولا يقل، وما أزال لا أصدق أن أبي مات، أبكي كل مساء سرا حتى تؤلمني أضلعي ويكاد ينفجر قلبي، وتزداد الغصة الحارقة لتبتلع كياني كله، خسارتي عظيمة ولاشيء يوازيها، وغربتي لن تنتهي أبدا .. 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق