-
أتذكر
تلك الليلة المظلمة حين كدنا نموت برداً !
-
نعم
أذكر كم ضحكنا على بواب العمارة حين شاهدناه من النافذة يشعل ناراً ليدفأ بها ثم
يهرب فزعاً لمّا شاهد قوة اشتعالها
-
كنا
مفعمين بالمرح والشباب
-
بل
كنا خاليين من الهموم
-
لا
أذكر أني ضحكت بذلك الاندفاع منذ تلك الليلة
-
أنا
أذكر ضحكاتك المختلسة، كنتِ توشكين على الاختناق بالضحك كلما رأيتِ شخصاً يسقط أو ينزلق
أرضاً وهو يشوّح بيديه كمن يتعلم السباحة
-
هذا
المنظر بالذات مضحك جداً .. يجب أن تعترف أنك كنت تخفي ضحكاتك بالسعال كل مرة
-
ليس
في كل مرة
-
بلى ..كل مرة كنت تضحك خفية ثم تفتعل السعال
-
أذكر
مرة لم أضحك فيها .. ولم أضحك من بعدها على أي شيء
-
تقصد
حين انزلقت أمام مدخل البيت واصطدم ظهري بالدرجات المؤدية إلى الباب .. أظنه كان
منظراً مضحكا
-
لم
يكن .. تلك اللحظات بالذات كانت عمراً من الفزع، ظننتُ أني خسرتكِ للأبد، تخيلت أن
رأسك هو ما اصطدم بالدرجات وكاد قلبي يتوقف لدقيقة .. أظنني بكيت يومها ! لا أذكر
سوى الصدمة والألم
-
لم
يكن الأمر يستحق كل هذا
-
في
مثل عمرنا هذا كل انزلاقة موتٌ شبه مؤكد
-
جارتنا
تدحرجت على درجات سلم بيتها حتى سقطت أمام المنزل كشوال قمح، ولم يحدث لها شيء
-
هذا
لأنها بسبعة أرواح
-
لم
أحدثها منذ ذلك اليوم .. كلما حاولت زيارتها تذكرت المنظر واستغرقت بالضحك
-
رأيتها أنا أيضاً ذلك اليوم، كنت أقف في الناحية الأخرى من الشارع مع صاحب البقالة الذي هرب حين
رآني أقهقه فجأة بدون أن يعرف السبب!
-
أليس
غريباً أن نكون وحدنا من ينتبه لمثل هذه الأمور، وربما وحدنا من يضحك منها
-
أظنه
غريباً بعض الشيء .. لكن يظل مضحكاً
-
يا
إلهي .. يبدو أننا مجنونان
-
بل
مفعمان بالمرح والشباب