الاثنين، 22 يوليو 2013

رسالة إلى نفسي ..



أرأيتِ كيف تبدو الصور القديمة أجمل، كنتِ تكرهينها قبل أن تتقادم، أرأيتِ كيف تبدين أكثر رقة وأصغر عمراً ! هو خداع بصر وحسب، لا شيء تغيّر منذ أُخذت هذه الصورة، نعم تفرق جميع من فيها وانتقل كل منهم إلى قارّة بعيدة يشكو توالي الأيام التي اعتراها الجفاف، نعم ازددتِ ألماً بدل أن تزدادي حكمة، نعم كبر الصغار وأصبح كل واحد منهم شابّا يُعتدّ برأيه .. نعم حدث كل هذا ولكن تظلين أنتِ أنتِ ..


لا شيء تغير حقيقة، كل ما هنالك أن زاد الأسى ضعفين وتشابه الحضور والغياب .. كل ما هنالك أنكِ تتمنين لو تفقدين الذاكرة قليلاً أو تعودي بالزمان إلى الوراء .. هل يمكن للأيام أن تصالحنا ولو مرة وتمشي القهقري بدلاً من مشيتها الرتيبة إلى أمام لا يُرى فيه سوى غصون جافّة ! هل يحق لنا أن نأمل أم هو أمل مهدور لا جدوى منه ..؟


أذكر جيداً تلك الليلة الصيفية حين التُقطت هذه الصورة، الصورة المائلة في أقصى اليمين.. نعم هذه؛ أذكرها كأنها البارحة، كنتِ تضحكين بشكل مبالغ فيه على نكتة مكررة، تكرارها هو ما أضحكك وأثار استهجان البقية، لطالما ضحكتِ على أشياء غريبة ولم يؤثر فيكِ سخرية من حولكِ، في تلك الليلة كان أفراد العائلتين قد اجتمعوا في الشرفة حتى ازدحمت بهم، أتذكرين ! كان العشاء عبارة عن وجبات متنوعة من مطاعم متعددة كأن بنا نهمٌ لتجربة كل شيء في ذات الوقت، كأن الوقت يداهمنا وينذرنا بإطلاق صافرة النهاية ! كان الطعام أكثر بكثير من المجتمعين فكان أن تلقينا محاضرة مطوّلة عن الإسراف حتى شعر بعضنا بالذنب وتجاهل بقيتنا الأمر، جدي كان يطالعنا باستغراب تلك الليلة، أذكر كيف ظلّ يتأملنا صامتاً لوقت طويل قبل أن يقول كلمته أخيراً
"يجب أن تنهوا هذا الطعام ولا يُرمى منه شيء"
تمنيتُ أن أراه اليوم لأخبره كم افتقدنا تلك الرفاهية البسيطة، اليوم لا نجد المزاج الرائق لتجربة أي جديد، ولا تسمح لنا الحياة بالتجمع كالسابق .. كان جدّي يعتقد أننا سنظل معاً بقية العمر، عائلة كبيرة مترابطة ! كان متفائلاً على الدوام .. رحمه الله 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق