الأحد، 14 يوليو 2013

مساء عابر





هذا المساء أحاول التخلص من سواد ما علق في قلبي صدفة، شخص عابر لا أعرفه قرر أن يشوه شكل يومي على سبيل التسلية، رمى في وجهي عبارات كدرت نقاء يومي قليلاً ثم مضت لحالها .. عاد الضجر وبقي أثر من السواد العابر !

أحاول بكل جديّة ترتيب أحداث حياتي حسب الأكثر أهمية، فتختلط في دوامة غير منطقية، لا يهمّ .. سأتخلص منها كلها فهي ماضٍ لا معنى له، لا يحددني الماضي ولا يعرّف عني بشيء، الماضي مضى والمستقبل هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يفيدني في هذه اللحظات، يجب أولا أن أخرج من صندوق الذكريات الذي فرشته جيداً لأستطيع الحياة فيه، جربت فعل ذلك مرات من قبل لكني عدت أتسلل إلى الصندوق بعد برهة من الزمن ..

يحدث فعلاً أن يسود الضجر حياتي فأترك كل شيء طواعية، لا أهتم بالماضي وأحداثه ولا بالمستقبل وما يجب أن يكون عليه، أتفرغ لترميم داخلي المتهدّم، ليس من أثر الجفاف العاطفيّ كما يقول درويش بل من أثر "الاحتشاد العاطفي"، الضجر نفسه يتولّد من هذا الاحتشاد، كثيرة جداً تلك الأشياء التي أحبها وأريدها بقوة، أشياء أريدها الآن في هذه اللحظة تحديداً، وكثيراً ما أتعجّل في الحصول عليها، حتى تختلط علي الأمور وتغوص في دوامة من الدوار ثم تنتهي إلى صفحة من الإحباط، ويتبقى اللون الأبيض المقيت .. لأول مرة أكتشف لمَ لا أستسيغ اللون الأبيض ! البياض فراغ، ووحدة قاتلة، يأسٌ وسأم، البياض هو لون الإحباط، وشكل التوقّف والجمود .. البياض هو المرض في أولى خطواته المتخفية

لا أجد نفسي في اللون الأبيض، ولا في أي لون حقيقة ! أتمنى لو يوجد مكان خالٍ تماماً من الألوان، لأحظى بالحرية التامّة من الانتماءات المتضاربة، لأتحرر حتى من الحياد .. وأختار ما أريده للحظة القادمة بدون فرضيات مسبقة، وبدون أن أتوه بين ما كان وما سيكون وما لا أريد له أن يكون ..

هذا المساء .. سأحاول التحرر قليلاً، سأستمع إلى شيء من أغاني الأربعينات التي لا أعرفها، سأقرأ مقالات سياسية لأشخاص أعرف أن فكرهم لا يعجبني في العادة، سأشاهد مسرحيات مغمورة، سأتحرر من مزاجي نفسه وأعود للضحك بدون أسباب واضحة، لن أعيش على أمل التغيّر " يوماً "، سأتغيّر باختياري وقتما أشاء .. وأصير ما أريد ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق