الثلاثاء، 18 يونيو 2013

صلاة القنابل




شمس حارقة .. قهوة بالزنجبيل .. والكثير من الأخبار السياسية 

 هذه هي كل الصباحات الصومالية .. كلها متشابهة في أجوائها وكلها تحمل جديداً، حتى أن عبارة "لا جديد تحت الشمس" لن تجد لها مكاناً هنا، دائماً نسمع عن فلان الذي أمسكت به الشرطة لا لشيء سوى أنه كان يسير متجهماً، هذا دليل واضح لانضمامه إلى التنظيم الإرهابي المعروف .. وهل تحتاج لديل أكبر من الوجه المتجهم !

نسمع عن تلك العجوز التي نسيها أبناؤها في دارها القديمة وكلما اشتكت لم يقدر أحد على التدخّل بشكل فعلي، كيف تتدخل وأنت لا تجد من تحدثه ! أبناؤها في الخارج متفرقون في دول أوروبا وولايات أميركا المتباعدة، كلهم يدّعي الاهتمام واللهفة على والدته العجوز المنسية في بقعة لا تختلف كثيراً عن البادية، ثم يتناسى الأمر بمجرد إنهاء المكالمة .. قد يكون حظها أحسن من بقية المسنين فيجد لها أبناؤها خادمة تعيش معها، ويكتفون بإرسال مائة دولار كل شهر .. هذا إن كان حظها حسناً حقاً 

نعم هي صباحات متشابهة جداً تبدأ بأصوات التفجيرات المعتادة، ثم ينطلق الأطفال إلى مدارسهم داعين الله أن تكون هي ما تمّ تفجيره حتى يعودوا إلى نومهم الهنيء، للأسف لا تُستهدف المدارس حين تخلو من التلاميذ ..

تفجيرات منظّمة هي، تبدأ صباحاً قبل أن تنتبه ساعة المنبّه وتعود إلى الظهور مع كل أذان ! ما أن ينتهي المؤذن من مهمته حتى تبدأ هي مهمتها فينبطح من ينبطح ويكتفي الكثيرون بانحناء رؤوسهم قليلاً حتى يهدأ الصوت، أو تغطية وجوههم في مواجهة عاصفة الغبار إن كان التفجير في مكان قريب، يتم تأجيل الصلاة بضع دقائق حتى تنهي القنابل صلاتها هي الأخرى .. وإن لم تنتهِ في الوقت المناسب يملّ القوم الانتظار ويصطفون خلف الإمام ليلحقوا صلاتهم المؤجلة قبل فوات أوانها ..

الفضول أصبح التأثير الوحيد الذي تتركه القنابل بعد كل صلاة .. " من مات " هو السؤال الذي يفرض نفسه دائماً ولا يتذكر أحد أن يسأل عن المفجّرين، لا أحد يهتم حقاً بمعرفة هوية أصحاب هذه التفجيرات وميولهم السياسية أو غيرها، الأهم هنا معرفة من أصيب ومن قُتل ليتم تدارك الأمر في حينه والإسراع بهم إلى أقرب مستشفى قبل أن يُصلّى على أكثرهم بعد ساعات ..

ثم في الصباح يجد الناس الوقت للتساؤل عن الأخبار السياسية، بعد الاطمئنان على من بقي حياً من مصابي تفجيرات الأمس، وبعد الكثير من أكواب القهوة بالزنجبيل .. يبدأ الجدل السياسي المعتاد حيث يفترض كل واحد فرضية ما ويدعمها بأدلة من إبداع خياله، ويستمر النقاش رغم الشمس الحارقة ورغم الأصوات البعيدة، التي قد تكون انفجاراً جديداً .. وقد لا تكون
  


هناك تعليقان (2):

  1. كان الله في عون الصومال و شعبها و فرج همه ..

    بعيدا عن الأحزان و الأوجاع : أنا سعيد جدا بالقراءة لشخص من الصومال :)

    ردحذف
    الردود
    1. وسعيدة أنا بهذا التواجد الجميل :)
      كان الله في عون الجميع

      حذف